محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي القرشي المطلبي، أبو عبد الله: أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة. وإليه نسبة الشافعية كافة. ولد في غزة (بفلسطين) سنة (150 هـ) وحمل منها إلى مكة وهو ابن سنتين. وزار بغداد مرتين. وقصد مصر سنة 199هـ فتوفي بها سنة (204 هـ) وقبره معروف في القاهرة.
صَنَّفَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَمَعَانِيه وَإِعْرَابِهِ وَمَبَانِيه , وَذَكَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي أَحْكَامِهِ مَا بَلَغَهُ عِلْمُهُ، ويعد هذا الكتاب بحق من أفضل التفسيرات، فهو يتوقف عند آيات من كتاب الله يستنبط منها الكثير من الأحكام الفقهية التي بني عليها الدين.
يعد هذا الكتاب أول كتاب ألِّف في أصول الفقه؛ بل هو أول كتاب ألف في أصول الحديث أيضًا، وقد أراد المصنف رحمه الله بتأليفه هذا الكتاب أن يضع الضوابط التي يلتزم بها الفقيه أو المجتهد لبيان الأحكام الشرعية لكل حديث ومستحدث في كل عصر، ويقال أنها سميت بـ «الرسالة» في عصره؛ بسبب إرساله إياها لعبد الرحمن بن مهدي.
هذا الكتاب يحوي آخر ما وصل إليه الشافعي من آراء فقهية، ويعبر عن ذلك بأنه مذهب الشافعي الجديد، وهذا الكتاب لم يدونه الشافعي بنفسه، بل كان يمليه على تلاميذه في مصر بعد أن استراح من السفر والترحال، فالكتاب يمثل خلاصة أفكاره التي نضجت واستقرت، وقد قام بحمعه تلميذه البويطي، ورتبه وبوَّبه الربيع بن سليمان المرادي تلميذ الشافعي أيضًا..
هذا الكتاب يتحدث عن مسألة مهمة؛ ألا وهي الأحاديث التي ظاهرها التعارض، فقام المصنف في هذا الكتاب بإزالة هذه الإشكالات، كأن يكون أحد الحديثين أو الحكمين منسوخًا، أو أن يكون بينهما اختلاف لغوي، أو أن يوجد هناك مرجح لحكم على آخر، سواء من ناحية سند الحديث أو متنه، وقد بيَّن الشافعي في هذا الكتاب الأحكام التي أخذ هو بها في مذهبه. وقد احتوى هذا الكتاب على عدد كبير من القواعد، منها ما هو حديثي، ومنها ما هو أصولي، ومجمل النصوص المسندة الواردة في الكتاب بلغ حوالي: (235)، وقد عقَّب عليها الإمام ببيان سبب ذكره لها، وما يستفاد منها، وربما نقل عمن سبقه ما يؤيد استنباطه واجتهاده في فهم النص، وعرَّض بمخالفه، وبيَّن وجه الخطأ عنده.
اشتمل هذا الكتاب على(1675) رتبت على الأبواب الفقهية، بدأت بباب ما خرج من كتاب الوضوء، وانتهت بـ " ومن كتاب اختلاف علي وعبد الله مما لم يسمع الربيع من الشافعي ". ومن يتأمل الكتاب يبدو له بوضوح أن هذا الكتاب ليس من صنع الشافعي رحمه الله، وإنما هو تجميع لمروياته التي سمعها منه الربيع بن سليمان، مع إضافة مرويات أخرى له من غير طريق الشافعي، قال الحافظ ابن حجر في تعريفه بهذا الكتاب: " مسند الشافعي رحمه الله تعالى وهو: عبارة عن الأحاديث التي وقعت في مسموع أبي العباس الأصم، على الربيع بن سليمان من [ كتاب الأم ]، و[ المبسوط ]، التقطها بعض النيسابوريين من الأبواب " (المعجم المفهرس ص: 39)،وقال الكتاني في الرسالة المستطرفة: " وليس هو من تصنيفه، وإنما هو عبارة عن الأحاديث التي أسندها؛ مرفوعها موقوفها، ووقعت في مسموع أبي العباس محمد بن يعقوب بن يوسف بن معقل بن سنان الأصم الأموي، مولاهم المعقلي النيسابوري، عن الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل المرادي مولاهم، المؤذن المصري صاحب الشافعي وراوية كتبه، من كتابي(الأم) و(المبسوط) للشافعي، إلا أربعة أحاديث رواها الربيع عن البويطي عن الشافعي، التقطها بعض النيسابوريين؛ وهو: أبو عمرو محمد بن جعفر بن محمد بن مطر المطري العدل النيسابوري الحافظ، من شيوخ الحاكم، من الأبواب لأبي العباس الأصم المذكور لحصول الرواية له بها عن الربيع، وقيل: جمعها الأصم لنفسه، فسمى ذلك مسند الشافعي، ولم يرتبه ؛ فلذا وقع التكرار فيه في غيرما موضع "